الوحدة واقعها وحكمها الشيخ تقي الدين النبهاني
صفحة 1 من اصل 1
الوحدة واقعها وحكمها الشيخ تقي الدين النبهاني
.جواب سؤال الوحدة لها صورتان : احداهما وجود البلاد الاسلامية في دولة واحدة ويحاول تقسيمها، والثانية وجود البلاد الاسلامية دولا متصلة ويراد جعلها دولة واحدة، ففي الصورة الاولى تأتي وحدة البلاد بمنع تقسيمها وهذا ما جاءت به الاحاديث " اذا بويع لخليفتين فاقتلوا الاخر منهما " " ومن بايع اماما فأعطاه صفقه يد وثمرة قبله فليطعه ان استطاع فان جاء اخر ينازعه فاضربوا عنق الاخر " " ومن اتاكم وامركم جميعا على رجل واحد يريد ان يشق عصاكم او يفرق جماعتكم فاقتلوه كائنا من كان " " فوا ببيعة الاول فالاول " فهذه الاحاديث يفيد منطوقها وجوب المحافظة على وحدة الدولة . وهذه الصورة هي الاصل في مفهوم الوحدة . وفي الصورة الثانية تكون البلاد الاسلامية دولا متعددة فالوحدة بالنسبة لها جعلها دولة واحدة والقضاء على تجزئتها، هذه الصورة لها حالتان : احداهما ان يتفق قطران او اكثر على الوحدة فيما بينهما في دولة واحدة، والثانية ان تقوم دولة واحدة بالقضاء على كيان الاقطار المستقلة وضمها اليها ضما كاملا بذوبانها فيها، وذلك اما بالتفاوض والمراضاه، واما بالحرب . وهذا ايضا ما جاءت به الاحاديث، فان مفهومها يفيد وجوب اعادة وحدة البلاد الاسلامية اذا قسمت الى دول . هذا هوالحكم الشرعي في الوحدة وتطبيقه على واقع البلاد الاسلامية يرى ان الصورة الثانية للوحدة هي التي تنطبق على واقع الدول القائمة في البلاد الاسلامية . فانها من قبل ازالة الخلافة كانت هناك اقطار مستقلة عن الدولة الاسلامية . وبعد ازالة الخلافة صارت جميع البلاد الاسلامية دار كفر، ومقسمة الى اكثر من عشرين دولة وامارة ومشيخة . ولهذا فان طريقه توحيدها اما ان تتم باتفاق قطرين او اكثر، واما ان تتم بحمل دولة منها فكرة الوحدة والعمل على تنفيذها، واما بالمفاوضة او بالحرب . هذا واقع الوحدة بالنسبة للبلاد الاسلامية الان . اما ان تحصل بالاتفاق بين دولتين او اكثر واما ان تسعى دولة واحدة لضم باقي الدول اليها ضما كاملا .اما بالنسبة للدولة القائمة في البلاد الاسلامية فان منها ما هو خاضع لحكم الكفار مباشرة ومنها ما هو خاضع لنفوذ الدول الكافرة . ومنها ما هو غير خاضع لحكم كفار ولا لنفوذ كفار . وجميعها تحكم بنظام كفر ولا يقام فيها حكم الاسلام . فالعمل فيها للوحدة هو واحد من اعمال ثلاث لا ينفصل احدها عن الاخر، لان الحكم الشرعي في هذا الواقع هو وجوب التحرير من سلطان الكفر او نفوذه، ووجوب اقامة حكم الاسلام فيها، ووجوب توحيدها في دولة واحدة، ولهذا لابد من القيام بالاعمال الثلاث حين العمل للوحدة، ولا يتأتى العمل للوحدة وحدها لان الوحدة لا تنفصل عن التحرير ولا تنفصل عن الحكم بالاسلام . وطريقه الوحدة في هذه الحال، او الحكم الشرعي في كيفية السير بهذه الفروض الثلاثة هو ان البلد يحكم مباشرة من قبل الكافر مثل عدن ولبنان، والبلد الذى يحكم حكما غير مباشر من قبل الكافر مثل البحرين وقطر، لابد من تحريره من الكافر اما قبل الوحدة او بواسطة الوحدة، فان كانت الوحدة بالاتفاق والتراضي فلا يصح القبول بالوحدة معه، الا بتحريره من سلطان الكافر، ويعتبر تحريره من سلطان الكافر شرطا اساسيا للوحدة، فان البلد المتحرر من سلطان الكافر يحرم عليه ان يجعل للكافر سلطانا عليه، وان يوافق على ان يكون للكافر سلطان على المسلمين، قال عليه السلام " الاسلام يعلو ولا يعلى عليه " وايجاد سلطان للكافر على مسلم يجعل الاسلام يعلى عليه وهذا حرام، وقال الله تعالى " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " ووجه الاستدلال بهذه الاية هو ان السبيل على الشخص كنايه عن السيطره عليه، فقولهم لاسبيل لي عليك اي لا طريق لي للتحكم فيك، واخلى سبيله اي رفع سيطرته عنه، والسلطان على الشخص واخضاعه لان يكون محكوما له هو من اظهر الاشياء التي تجعل سبيلا على ذلك الشخص . ولهذا تكون الاية قد حرمت ان يكون للكافر سلطان على المسلم بتحريم ان يكون له سبيل عليه . وايضا فان الله قد امر بطاعه السلطان المسلم وبرد الامور الى السلطان المسلم قال تعالى : " اطيعوا الله واطيعو الرسول واولى الامر منكم " وقال تعالى " ولو ردوه الى الرسول والى اولى الامر منهم " وكلمة منهم في الاية الثانية تعني من المسلمين ومفهومه ان لا يطاع غير المسلم وان لا يجب الامر لغير المسلم وهوكناية عن ان لا يكون غير المسلم حاكما لانه اذا امتنعت له الطاعة، وامتنع الرد اليه وهما وظيفة السلطان، ولا سلطان بغيرهما، امتنع ان يكون سلطانا، فكان ذلك دليلا على انه لا يجوز ان يكون للكافر سلطان على المسلم وايضا فان الله اشترط في الشاهد في الرجعه ان يكون مسلما قال تعالى " واشهدوا ذوى عدل منكم " فاشتراط ذلك في الحاكم من باب اولى، وبناء على هذا لا يصح ان توحد بلاد اسلامية متحرره من سلطان الكفار مع بلاد اسلامية خاضعة لسلطان الكافر، سواء اكان سلطانا مباشرا او غير مباشر . واما الذي الذى يحكم مباشرة من قبل حاكم مسلم ويسيطر عليه نفوذ دولة كافرة، ويحكم بحكم الكفر مثل الاردن، لابد من تحريره من نفوذ الدولة الكافرة، اما قبل الوحدة او بواسطة الوحدة، فان كانت الوحدة بالاتفاق والتراضي فلا يصح القبول بالوحدة معه الا بتحريره من نفوذ الدولة الكافرة، ويعتبر تحريره من نفوذ الدولة الكافرة شرطا اساسيا للوحدة، وذلك لان نفوذ الدولة الكافرة على ذلك البلد اما تابعا لها فتستطيع ان تتحكم به، واما ان تجعل الحاكم تابعا لها فتتحكم بالحاكم نفسه، وكلتا الحالتين ضرر على المسلمين وعلى سلطان المسلمين . فوحدة البلد المتحرر مع البلد الذى تحت سيطرة نفوذ دولة كافرة يؤدى الى اخضاعه لنفوذ تلك الدولة، وهو حرام لانه ضرر على المسلمين، وعلى سلطان المسلمين، وانزل الضرر بالمسلمين وبسلطانهم حرام لقوله عليه السلام " لا ضرر ولا ضرار " ولذلك كانت وحدة البلاد المتحررة مع البلاد الخاضعة لنفوذ دوله كافرة حرام لان فيه ضررا على المسلمين وعلى سلطان المسلمين، ولا يقال ان الوحدة فرض لان هذا الفرض يؤدى الى ضرر، وكل فرد من افراد ما امر الله به ان فرضا او مندوبا او مباحا اذا وصل الى ضرر كان حراما، لان الرسول نهى عن ماء بئر ثمود، مع ان الماء مباح، فحرم ماء ثمود وبقي الماء مباحا، وكذلك الوحدة بين البلد المتحرر والبلد الخاضع لنفوذ دولة كافرة فرد من افراد الواحدة يؤدى الى ضرر ولذلك الوحده حرام مع ذلك الفرد اى مع ذلك البلد فقط، ولكن تبقى الوحدة فرضا . اما ما هي الكيفية التي يسيطر فيها نفوذ الكافر على البلد الاسلامي فانه من تتبع الوقائع والتدقيق في الواقع، يتبين ان نفوذ الدولة الكافرة قد يسيطر على البلد نفسه، وقد يسيطر على الحاكم فقط، وقد يسيطر على الاثنين معا . فهو يسيطر على البلد في حالتين احداهما ان يجعل الوسائل التي تساعد على اسناد السلطة وهي الجيش والامن العام والقضاء والبرلمان بيده، وذلك كأن يكون المسيطرون على هذه الدوائر او المتحكمون فيها عملاء له، وذلك كما هي الحال في الاردن ولبنان والكويت والجزائر والسودان وليبيا وما شاكلها . والثانية ان يجعل اقتصاديات البلاد او ماليتها بيده ليس باعطاء القروض فقط بل بجعل التصرف بهذه الاموال خاضعا للدولة الكافرة، او بايجاد مشرفين من قبل تلك الدولة الكافرة على الاقتصاد، اما منها هي رأسا علنا وسرا او عملاء لها وذلك كما هي الحال في مصر والباكستان، ففي هاتين الحالتين تكون البلاد خاضعة لنفوذ الدولة الكافرة وتكون تابعة للدولة الكافرة، ومثل ذلك اذا كانت هناك معاهدة سياسية مع الدولة الكافرة كما كان الحال في الاردن سابقا او معاهدة حماية كما هي الحال مع الكويت حاليا . اما سيطرة نفوذ الدولة الكافرة على الحاكم نفسه فهي ان يكون الحاكم عميلا لها، كما هي الحال في مصر والعراق والسعودية والجزائر وليبيا والاردن ولبنان والمغرب وما شاكلها، فان كون الحكام عملاء للدولة الكافرة قد جعل للدولة التي هم عملاء لها نفوذا عليهم وبذلك جعلوا لها نفوذا في البلاد التي يحكمونها، اذ بواسطة هذا الحاكم العميل تستطيع ان تتحكم في سياسة البلاد الداخلية والخارجية وتستطيع ان تنفذ ما تشاء. غير انه ينبغي ان يعلم ان وجود العملاء في البلاد لا يعني وجود نفوذ للدولة التي هم عملاء لها، بل وصول هؤلاء العملاء الى الحكم هوالذى جعل لها نفوذا . ففي سوريا مثلا عملاء لانجلترا وعملاء لامريكا، ولكن لم يوجد لاى منهما نفوذ فيها الا حين يكون عملاؤها في الحكم وحين يزولون عن الحكم ينتهي نفوذها، ولهذا كان لامريكا نفوذ في سوريا حين كانت الوحدة بينها وبين مصر، وحين ذهبت الوحدة اى ذهب حكم عبد الناصر ذهب نفوذ امريكا . ولهذا ايضا حين تولى عملاء الانجليز الحكم بعد الانفصال صار للانجليز نفوذ وحين يزولون عن الحكم يزول نفوذهم فليس مجرد وجود العملاء في البلد هو الذى يوجد نفوذا لدولة الكافرة، بل الذى يوجد لها للنوفذ كون العميل حاكما للبلاد، اى كون الحاكم عميلا لها، فوجوده في الحكم هو الذى جعل لها نفوذا . ولهذا فانه اذا زال العميل عن الحكم او ترك عمولته لتلك الدولة فقد زال نفوذها من البلاد . هذه هي الكيفية التي تجعل للدولة الكافرة نفوذا في البلاد، وهي اما ان تجعل البلاد تابعة لها او جعل عملائها حكاما لها او جعل حكامها عملاء لها . اما الحكم الشرعي في هاتين الحالتين فان الوحدة مع البلد الذى لا يكون تابعا للدولة الكافرة جائزة ولو كان حاكمها عميلا لدولة كافرة لان عمولته ليست ارتباطا رسميا بل هي ارتباط شخصي، ولانه يجعل السلطان للامة اساسا لتولى الحكم . وهذا لا خلاف فيه يضمن زوال هذا الحاكم او تركه لعموله الدولة الكافرة، فواقع الوحدة انها مع البلد وليست مع الحاكم، والبلد غير تابع لدولة كافرة ولذلك جازت الوحدة معه، الا انه في هذه الحالة يجب العمل لفصل هذا الحاكم عن العمولة او عزله عن الحكم الا ان ذلك ليس شرطا للوحدة بل هو فرض الوحدة فيسار بهما معا وايهما يحصل يسار به ويعمل لتحقيق الاخر .
اما البلد التابع لدولة كافرة وهو البلد الذى تكون الوسائل التي تسند السلطة بيد الدولة الكافرة او تكون الدولة الكافرة تسيطر على اقتصاد البلاد او البلد الذى تربطه مع الدولة الكافرة معاهدة سياسية او معاهدة حماية، وهذا البلد التابع لا تجوز الوحدة معه الا بعد تحريره او بتحريره بواسطة الوحدة . لان زوال الحاكم فقط لا يفصل البلاد عن الدولة الكافرة لان ما بيدها من وسائل اسناد السلطة ومالها من سيطرة على الاقتصاد، وما لها من حقوق دولية بالمعاهدات كاف لتركيز نفوذها وجعلها تتحكم في البلاد وتتحكم في الحكام ولو لم يكونوا عملاء لها . فذهاب الملك حسين من الحكم في الاردن وذهاب العائلة الهاشمية برمتها لا يفصل الاردن عن الانجليز، فان قبضتهم على الوسائل التي تسند السلطة تبقى البلد بأيديهم ايا كان الحاكم . وذهاب عبدالناصر عن الحكم في مصر لا يفصل مصر عن امريكا لان قبضتها على الاقتصاد في مصر يبقى البلد بيدها ايا كان الحاكم، وذهاب عبد الله السالم وذهاب عائلة الصباح كلها لا يفصل الكويت عن الانجليز لان وجود المعاهدة بيدهم كاف ليجعلهم دوليا يحتلون الكويت متى يشاؤون . اما ذهاب حكام العراق عن الحكم فانه يفصل العراق عن امريكا لانهم اذا ذهبوا ذهب نفوذ امريكا .
وهكذا كل بلد خاضع لنفوذ دولة كافرة ينظر فيه فان كان نفوذها اتيا من كون البلد تابعا لها لا تجوز الوحدة معه الا بعد تحريره او بتحريره بواسطة الوحدة، وان كان نفوذها اتيا من كون الحاكم عميلا لها والبلد غيرتابع لها تجوز الوحدة معه ما دام المتفق عليه ان السلطان للامة . لان ذلك يزيل الحاكم ان يبقى عميلا او يجعلة يترك عمولة الدولة الكافرة. ولذلك تجوز وحدة سورية مع العراق ولو كان حكامه عملاء لامريكا، لان عمولتهم ليست ارتباطا رسميا وانما هي علاقه شخصية ولا تجوز وحدة مصر مع سوريا لان البلد تابع لامريكا لانها تسيطر على الاقتصاد في مصر . وكذلك لا تجوز وحدة سوريا والاردن لان البلد تابعا لانجلترا لان الوسائل التي تسند السلطة بيدها . هذا من ناحية الوحدة . اما من ناحية الحكم بالاسلام فانه لا يشترط في البلد الذى يكون تابعا لدولة كافرة مثل الاردن ومثل مصر ان يحررا من نفوذ الكفار اولا حتى يحكم بالاسلام كما هي الحال في الوحدة مع البلد المتحرر، بل يجوز ان يحكم بالاسلام اولا ويحرر من نفوذ الدولة الكافرة اثناء الحكم بالاسلام . والمراد من الحكم بالاسلام هنا جعل السلطان للاسلام لا مجرد تطبيق الاسلام . اما مجرد تطبيق الاسلام وهو ان يحكم القضاه باحكام الشرع وان يلزم الناس بتنفيذاحكام القضاه فان ذلك واجب على المسلمين سواء اكانوا تحت نفوذ الكفار او كانوا تحت سلطانهم مباشرة او بشكل غير مباشر، لان المسلمين مطالبون باحكام الاسلام في جميع الحالات، فاذا استولى عليهم كافر وجب عليهم ان يختاروا من يطبق عليهم الشرع فالمراد من الحكم بالاسلام جعل السلطان للاسلام وهذا كله اى حكم الوحدة، وحكم جعل السلطان اسلاميا، انما هو في الوحدة التي تأتي باتفاق قطرين او اكثر، وهي الحالة الاولى من الصورة الثانية من صورتي الوحدة، اما الحالة الثانية من الصورة الثانية وهي ان تقوم دولة بضم الاقطار الاخرى اليها فان ذلك ان كان عن طريق الحرب والفتح واعمال العنف سواء بالاكتساح او بايجاد اضطرابات او انقلابات من الداخل، فانه جائز في جميع الحالات لان الحرب والعنف يزيل نفوذ الكافر . ويرفع يده عن الوسائل التي تسند السلطة ويرفع سيطرته عن اقتصاد البلاد، اما ان كان عن طريق المفاوضات فانه يشترط ان تكون اساس المفاوضات ازالة نفوذ الدولة الكافرة من ذلك البلد، كما حصل ضم اريانا الغربية من هولندا لاندونيسيا . هذا بالنسبة للبلد الذى يحكمة الكافر بشكل مباشر او غير مباشر، وبالنسبة للبلد الذى يسيطر عليه نفوذ دولة كافرة . اما البلد الاسلامي الذى يحكم مباشرة من قبل حاكم مسلم ولا يسيطر عليه نفوذ دولة كافرة ويحكم بحكم الكفر مثل تركيا والافغان، ومثل اليمن قبل انقلاب عبدالله السلال الامريكي، فان الوحدة معه واجبة ولا يوجد اى مانع شرعي يمنع من الوحدة معه في الحال، ولا يقال ان تركيا خاضعة لنفوذ امريكا بالقروض الكبيرة وبالخبراء العسكريين، لا يقال ذلك لان القروض وحدها لا تركز نفوذا في البلد يمنع من الوحدة معه، وانما الذى يركز النفوذ في البلد تركيزا يمنع الوحدة معه هو السيطرة على اقتصاديات البلاد بواسطة الخبراء او بواسطة الشروط التي تضمن السيطرة . وهذا غير موجود في تركيا . واما الخبراء العسكريون فانهم لا يسيطرون على الوسائل التي تسند السلطة بل يسيطرون على قسم معين هو المتعلق بحلف الاطلسي، ووضع تركيا مع امريكا كوضع ايطاليا مع امريكا وكوضع كل من انجلترا وفرنسا مع امريكا هو وضع اختيارى يرى الحكام ان مصلحتهم الخارجية تقتضية فهو ليس مفروضا عليهم فرضا . ولا يقال ان لامريكا قواعد عسكرية في تركيا فانه كان لها قاعدة صواريخ ثم ذهبت على انه لو كان لها قواعد فان ذلك لا يجعل لها نفوذا متركزا
يمنع الوحدة معها، وها هي ذى كوبا فيها قاعدة عسكرية ضخمة لامريكا ومع ذلك لم تمنع هذه القاعدة كاسترو من اعلان العداء لامريكا، وان كل ما في تركيا لامريكا انما هو شيء اختيارى يمكن ازالته في كل وقت وهو وضع سليم من ناحية دولية ومن ناحية سيادة البلد ولكنه اجتهاد خاطيء ليس غير. وعليه فانه لا يوجد اى مانع شرعي يمنع الوحدة مع تركيا والعراق والافغان لانها بلاد ليست تابعة لدولة كافرة ولكن يوجد مانع شرعي يمنع الوحدة مع مصر او الاردن لانها تؤدى الى ضرر وهو وجود النفوذ الامريكي في مصر والنفوذ الانجليزى في الاردن . والحاصل ان البلد الاسلامي المتحرر من حكم الكافر ومن نفوذ الكافر مثل تركيا وسوريا والعراق والافغان والبلد الذى تحكم مباشرة من قبل الكافر مثل لبنان ومثل عدن، فانه يجوز ان يوحد البلد المتحرر مع غير المتحرر الاسلامي حكم الكافر فان هذه الوحدة لا تجوز ومن باب اولى اذا كانت الوحدة تدخل البلد المتحرر تحت حكم الكافر وتخضعه له فانها لا تجوز اما وحدة البلد الاسلامي المتحرر من حكم الكافر ومن نفوذ الكافر مع البلد الذى يحكم من حاكم مسلم ولكنه يخضع لنفوذ دولة كافرة مثل العراق والاردن ومصر فانه ينظر فيها، فان كان نفوذ الدولة الكافرة اتيا فقط عن طريق كون حاكما عميلا لتلك الدولة الكافرة فانه يجوز ولو ببقاء ذلك العميل حاكمها عليها لانه ما دام الحكم للامة فسيزال ذلك الحاكم او يتحرر من عمولته، ولان عمولته ليست ارتباطا رسميا بل هي علاقة شخصية . واما ان كان نفوذ الدولة الكافرة اتيا عن طريق كون البلد تابعا لها، كأن كانت الوسائل التي تسند السلطة وهي الجيش والامن العام والقضاء والبرلمان بيدها او كأن كانت تسيطر على اقتصاد ذلك البلد او كانت هناك معاهدة سياسية او معاهدة حماية فان الوحدة في هذه الحال مع ذلك البلد لا تجوز الا بعد تحريره من نفوذ الدولة الكافرة او بتحريره بواسطة الوحدة . واما ان كان البلدان تحت سلطة كافر واحد كالبحرين وقطر او تحت نفوذ كافر واحد كالاردن والكويت او كالسعودية ومصر، او تحت نفوذ كافرين مختلفين كالكويت والسعودية او كالاردن ومصر، فان الوحدة بين البلدين الاسلاميين في هذه الحالات لا تنفصل عن التحرير، فيعمل للتحرير وللوحده معا وايهما تحقق يسار به ويعمل لتحقيق الاخر . لان البقاء تحت سلطان الكافر حرام والقيام بالوحدة فرض ولكن احداهما ليس شرطا للقيام بالاخر بخلاف البلد المتحرر مع البلد الذى تحت سلطان كافر ونفوذ كافر فان الوحدة معه شرط فيها تحريم من سلطان الكافر ونفوذه، ولذلك كان لابد من التحرير للقيام بالوحدة .
واما ان كان البلدان احدهما تحت سلطان كافر والثاني تحت نفوذ كافر مثل قطر والاردن فان الوحدة بينهما لا تجوز الا بعد تحرير البلد من سلطان الكافر المباشر او غير المباشر او بتحريرة من سلطان الكافر بواسطة الوحدة، لان هذه الوحدة تؤدى الى جعل البلد المتحرر من سلطان الكافر خاضعا لسلطانه والخضوع لسلطان الكافر افظع من الخضوع النفوذه، او تثبيت سلطان الكافر على ذلك البلد برضى المسلمين وكلاهما ضرر لا يجوز فتصبح الوحدة في هذه الحال وان كان فرضا فانها تؤدى الى ضرر المسلمين فتكون حراما لان كل فرد من افراد ما طلب الشرع القيام به اذا اوصل الى ضرر كان ذلك الفرد حراما . هذا هو الحكم الشرعي في كيفية السير للقيام بالوحدة بين بلاد الاسلام او بعبارة اخرى هذه هي الطريقة للوحدة بين البلاد الاسلامية . فهي لا تنفصل من التحرير ولا تنفصل عن الحكم بالاسلام . فالرسول صلى الله عليه وسلم قبل ضم اليمن اليه حين اسلم اهلها وخضعوا لسلطان الاسلام وقد كانت تحت نفوذ الفرس، وابقي اميرها باذان اميرا عليها حين اسلم وقطع علاقاته بفارس، ولكنه عليه السلام مع تشوقه لاسلام اهل الطائف وضمها للدولة الاسلامية لم يقبل من اهلها ما شرطوه من اعفائهم من الصلاة وابقاء صنمهم ثلاث سنوات او سنة او شهرا، بل اصر على ان يكسر صنم اللات وان يؤدوا الصلاة، اصر على الاسلام الكامل .
16 من ذى الحجة سنة 1382
10/5/1963.
غدير- عضو مبتدئ
- عدد الرسائل : 35
العمر : 37
الإقامة : العراق
المهنة : مهنة أخرى
تاريخ التسجيل : 20/08/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى