مشروع الخلافة ،وأسلمة وعوربة العالم ..!!
صفحة 1 من اصل 1
مشروع الخلافة ،وأسلمة وعوربة العالم ..!!
مشروع الخلافة ،وأسلمة وعوربة العالم ..!!
عبد الرحمن عبد الوهاب
2/27/2011
بالأمس قال نزار :
امشي على ورق الخريطة خائفاً
فعلى الخريطة كلنا أغراب
وخريطة الوطن الكبير فضيحة
فحواجز ومخافر وكلاب.
وعليه تمنينا دوماً في حقبة (العولمة) أن يتحول مشروع النخبة المثقفة إلى (أسلمة ) و(عوربة) العالم فمشروع الإسلاميين هو الأسلمة ومشروع القوميين هو العوربة و عليه فمشروع الخلافة الإسلامية نطاقه اشمل وأوسع يفترض، لانه سينضوي تحت لوائه كافة القوميات والأعراق العربية وغير العربية منطلقها الدين القيم ، فالقومية في الإسلام دين وليس لغة فحسب، لامانع ان يلتقي عليه سوياً كلا الجانبين الإسلاميين والقوميين بغية النهوض به ، ليمتد على الرقعة العربية بداية والإسلامية مرحليا، بحيث ينتهي إلى العالم كله في أقصى مراحله يوما ما ، لأسباب سنأتي عليها في هذا المقال :
أجل بناءً على مرئيات نزار ،تمنينا أن تستشعر تلك الشعوب الأمان وننتشي بالمجد والزهو وكذا استشعار الحيثية والكيان في ظل خلافة إسلامية عظمى مترامية الأطراف ، واقعنا الممتد إلى ماقبل 25 يناير كان مسرحية درامية كل مواطن مسلم فيها بطل مأساوي تبعا لتنظير أرسطو في الدراما الإغريقية القديمة و ما تأثر به شيكسبير لاحقا ، فالتجارب الإنسانية متقاربة درامياً إذا كان الأمر مقترنا بالاستبداد ، بالأمس كان رصاص الكفر يمشط الشوارع وأطفالنا خائفون خلف الأبواب في البوسنة والفليبين وحتى اللحظة في فلسطين، تمنينا كثيرا أن يتحول العالم من (قرية أمريكية) إلى( قرية إسلامية ) منذ أن غابت الخلافة الإسلامية كان واقعنا العام والخاص واقعاً مأساوياً مفرداته كم هائل من الضحايا وملايين من اللاجئين على الحدود والمناطق الفاصلة بين الدول ..
**
إلا أننا وهانحن اليوم نشاهد قيامة فكرية وثورية عظمى تجتاح ارض المجد وميراث الأجداد من يابسة عربية وإسلامية ، ونهضة لها مواصفاتها الخاصة فأيام المجد لها إفرازاتها ومحصلاتها كما هو الحال لواقع التردي سابقا الذي كان له سياقه الخاص من عدم استقلالية القرار السياسي -حتى الديني منه- بناء على تنفيذ الاملاءات بحذافيرها دون تصرف او حتى بما يستصاغ لدى الشعوب ،احتراما لدين الجماهير، او حتى بما يمليه الدين في مواجهة فجه وقليلة الذوق منهم بعدم مراعاة مشاعر الشعوب من أساليب غير محترمة مع الإسلام ، حيث حوصر الإسلام بمحاربة الأذان في مصر و بنزع مكبرات الصوت في صلاة الجمعة بدولة عمان او دخول المساجد ببطاقات ممغنظة في تونس او وضع كاميرات بالمساجد لمراقبة المصليين في مصر ايضاً ,إلا أننا بالفعل اليوم قادمين على أزهى وأروع المراحل التاريخية بعد تساقط الأصنام، ألا بعدا للقوم الظالمين ، ألا بعدا لعاد كما بعدت ثمود.!!
****
قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء : 107 ) وقال الله تعالى ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) (الفرقان : 1 ) فالمصطفى صلى الله عليه وسلم بعث رسولا للبشرية جمعاء ، فمشروع الإسلام الحضاري ليس مشروعا خاص ،بل مشروعاً عالمياً .
***
ثمة قضايا كبرى في العالم وهي ترتكز على المهام الرئيسية التي عالجها الأنبياء على ارض الواقع الكوني ،فالمهمة الكبرى كانت إرساء العدل في الكون، قال الله تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد : 25 ) وقال الله تعالى ايضاً : (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل : 90 )
ذلك لأنه من خلال منظومة العدل يتحول المجتمع إلى مدينة فاضلة ، أروع من تلك التي هجس بها جبران في قصيدة البلاد المحجوبة وكتابه النبي وحديقة النبي أو التي هجس بها أفلاطون في جمهوريته وتوماس مور في utopia اليوتيبيا و جون ملتون في الـ paradise lost ناهيك عن تصور الفارابي في هذا الموضوع تحديدا لم يك لهذه الأفكار الرائعة المجنحة والخيال المثالي المفرط أن تتجسد واقعيا، انه كلام رائع ولذيذ مثل كلام "جي دي موباسان" الغارق في الخيال أو قصائد "وليام بليك" الغارقة في الأوهام ،أو مؤلفات جبران التي كتبت في المسافة الكائنة بين النوم واليقظة جراء الخمر، أو الموت والجنون التي عناها نزار جراء مواجهة الاستبداد في المحكات الفاصلة والضغوط المؤلمة معه ، والخيال له مواصفاته والواقعية لها ادركاتها ،و هناك من قال: أن هناك خط فاصل رقيق بين العبقرية والجنون ادّعوا أنهم قاموا بمحوه . والربط ما بين العبقرية والجنون في عالم التنظير لا تعويل عليه فهو لا يتعدى النحت اللفظي أو الاشتقاق اللغوي كـ (عبقرجنونية) genius-insaniamاو بردها الى عوامل الكحت والنحت لأصولها اللاتينية او اليونانية – لا تفرق كثيرا عند الغرب، اذا ما محونا الخط الفاصل بينهما في أن يحكم العالم رجل كجورج بوش مثلا، واقعياً وعلى المنحى الإسلامي (مصيبة) ولاتقبل شهادته في المحكمة فضلا عن تأهله لشروط الولاية كالقذافي مثلاً (عبقرجنونية ) تتفاوت بما يعتبره العقلاء (اللوثة العقلية) وهذا ينحو بها إلى اللامسئولية يمكن مراجعة أخبار الحمقى والمغلفين بالعقد الفريد بالرغم أن واقعنا به ما يغني .. فثمن العظمة هي (المسئولية) والغرب يربط القرارات غير المتزنة باللامسئوله irresponsible باعتبارها غير كاملة الأهلية ، وكم من قرارات غير مسئولة اقترفت على ساحة العالم وتسببت في جرائم كبرى من قبل أناس غير كاملي الأهلية مثل غزو العراق أو غزو أفغانستان وما المجازر التي تقترف في ليبيا اليوم ليست ببعيد .. وهنا روعة الفقه الإسلامي في تصوره لكامل الأهلية للإنسان العاقل الراشد البالغ إذا ما أنيطيت له مسئولية ما، أدناها الزواج انتهاء إلى توسد الحكم ، فالمسئولية هامة لما لها من كاملية الاهلية والاتزان الذهني ولما يترتب عليها في الشأن العام كما هو الوضع الخاص وكوضع عام لفرضيات المسائلة ومحاكمة التاريخ ، ناهيك عن بعد (التقوى) كمرتكز في التصور الإسلامي والمعالجة ، وهو مرتكز غير متواجدة في التصور الغربي عموما فتصور (التقوى) تختلف في مرتكزاتها عن رؤية ميكافيلي في كتابه الأمير لأبعاد السياسة والحكم،كما قال الله تعالى (إن أكرمكم عند الله اتقاكم " وتكمن المصيبة والبلية العظمى من زاوية أخرى ان تلقى مقادة الأمر وتوسيده لمنافق ، أي ممن يبطن الكفر ويظهر الإسلام ،فتنفذ الاملاءات والسياسات الكافرة ضد الإسلام بلا تورع أو خوفاً من مساءلة أو حتى محاكمة الجماهير آنياً او التاريخ مستقبلياً، وهي املاءات مازالت تنفذ في فرض اشخاص على الشعوب وهي مفعّلة ولم تنته إلى الآن أي حتى بعد 25 يناير، روعة الفقه الاسلامي انه ربط الولاية بمسلم العقيدة في المجتمع المسلم وأنه لا ولاية لكافر على مسلم ، أوضاع الجريمة الكبرى ان الحكم العلماني سواء ديمقراطي او غير ديمقراطي انه يستبعد الدين بل كل أمور الفقه في الحكم والسياسة ، و تلك الجريمة الكبرى التي يراد لها ان ترتكب في حق الإسلام والمسلمين ومشروع الإسلام الحضاري حاليا هي حذف المادة الثانية من الدستور وهو أمر سنقف ضده بكل ما اوتينا انه امر دونه الرقاب . وثمة تساؤل ماذا أبقيتم لنا ؟!، لم يحّكم شرع الله .. حتى هذا السطر المتعلق بهويتنا من الدستور، يريدون حذفه ..اجل يا ساده انه أمر دونه الرقاب ..أو كما قال الإمام ، "وتلك التي تريد فإنها خدعة الطفل عن الحليب في أول الفطام"
****
مع لابد من التنويه ، انه لو كانت شرع الله مطبقاً أو طبقت حدود الله بأن تقطع يد السارق مثلا ً لما ظهر لدينا هؤلاء اللصوص من الحكام أو النخبة السياسية في اروقة السياسة التي استولت على مال الله في وقت كانت وما زالت الشعوب تتضور جوعا بل ان صفاقة النظام في تونس مثلا صادر حق البو عزيزي وهو فرد من الشعب من العيش الكريم او حتى الحصول على الكفاف من خلال عربة يد –يبيع عليها- ليصادرها النظام ،بينما افصحت التقارير مؤخرا عن غرفة للديكتاتور بها مليارات نقلتها التلفزة، انه ليس ديكتاتور فحسب ان الامر يفتقر الى ابسط مقومات الاخلاق ..حينما يصادر حق الشعب في الحصول حتى على ما يسد به الرمق فاننتهي البوعزيزي لحرق نفسه. مأساة أغريقية في واقع تونسي. و لو كان القصاص أيضاً مطبقا لما قام الإجرام السياسي بذبح المعارضين في السجون العربية.. واعتقد انه ما دام شرع الله لم يطبق سيظل الفعل المضارع للاستبداد يمارس أوضاعه الإجرامية ،لذا فإن شرع الله ضمانة ضد المجرمين (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة : 50 )
.*****
مجد الإسلام ومحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم انه أرسى منهجية السماء على الواقع الكوني بكل أمانة وتقوى وإخلاص،فكان الذروة والرمز للاقتداء . فلقد حكم التاريخ للمصطفى الكريم بأنه اجتاز جسر المجد والشهادات متواترة حتى من خصومه كافة انتهاء الى مايكل هارت الامريكي ،ولخلفاء المصطفى بالعدالة و للإمام علي بالإنصاف على الرغم مما قيل انه فشل في عالم السياسية وما اكتنف مرحلة ولايته من اضطرابات . إنصافا لماحملته التقوى من معالجات في مضمار السياسة والحياة الخاصة والعامة رضي الله عنهم أجمعين .
***
يالها من صدمة عندما تصطدم القصور والخيال والأحلام بأرض الواقع .. ويالها من مفارقة حينما لا تتوافق النظرية المجردة أو المبدأ مع أوضاع التفعيل والتطبيق لفقد كفر العالم بنظريات كثيرة لم يسعها التطبيق وما زالت تتهاوى أصنام البشر والحجر على الواقع الكوني وتزداد "لا اله إلا الله محمد رسول الله" عزاً ومجداً وتشريفا ورقعة الإسلام تتسع والإقبال على الله يتزايد. النظريات الإسلامية وقانون السماء من شريعة الله طبقت بمثاليتها على ارض الواقع وأفرزت واقعا مثاليا وواقعاً حضارياً مسئولاً وهذا يختلف عن الصدمة والمأزق التي طالما وقع فيها الفكر الغربي حال حرقه يوما لجاليليو أو شريعة الغاب التي تلظى بمرارتها الكون في حروب عالمية أو إجرامية لم تفرز بعدا حضاريا يرتقي بالإنسان ككيان وكمصير في حتمية لقاء الله غدا، أو حتى في الإجابة على الأسئلة المصيرية الهدف والغاية والمصير وهي أسئلة ما زال يتخبط الإلحاد الأوربي فيها راجع مقالنا" الحيادية ووجوبية الانحياز وإلحاد خوسيه سراماغو"تسنى للحضارة الإسلامية دوما الاجابة على أسئلة الإنسان المصيرية أو أجاب عنها القرآن أو فصل فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم بوحي السماء ، من هنا فالإسلام وحده له كلمة الفصل في كل ما هو آت .
واقعنا بالأمس ونحن قادمين على مرحلة جديدة كما قال احد المفكرين أن قول الحق يستلزم شيئا من قلة الذوق، واقعنا بالفعل : لقد بالت علينا الكلاب، راجع يوميات الحرب في العراق في أبو غريب ، أو غوانتنامو لمن خرجوا منها، حتى وصل الأمر إلى خطف الإسلاميين في الشوارع من أوربا أو السجون السرية والتعذيب ، تلك المأساة التي عانينا فيها منذ أن حكم الكفر العالم .أو منذ حلت بنا فلسفة قراصنة البيت الأبيض و شريعة الغاب ، فالقرصنة لها مفهومها الخاص ولها ارثها في الذهنية الغربية ، وما زال باقيا في الجينات الوراثية واستحواذا على رقعة ليست بسيطة في الجمجمة الغربية أغربها في السلوك الحياتي الدارج له كمثل سلوك فريق نكسس في المصارعة الحرة أن يتكتل أربعة أو خمسة أفراد ليوسعوه ضربا ، انه الغرب يفتقد إلى شرف المنازلة وهو لا يختلف سياسياً عنه رياضياً عما رأيناه في البوسنة او العراق او فلسطين حيث اعتبر نتانياهو غزة كميدان رماية فالجاهلية واحدة المغرس، فلم يكن الواقع في غزو العراق مثلا إلا عملية سطو مسلح . أو أزمة البوسنة إلا جريمة كبرى اقترفت تحت عين العالم وبصره ، لا يسعنا إلا أن نقول ومن خلال تجربتنا المأساوية أن الغرب أفرط في إجرامه معنا ، ولن نعامله عندما يحكم الإسلام العالم بالمثل ، ولقد أفرطت الأنظمة السايكس بيكوية في سرقة و إرهاب شعوبها كتبت فيها يوما زنزانة وبرش لكل مواطن .. لا يسعنا إلا أن نقول إننا في نهاية المطاف فوجئنا أن تلك المدينة الفاضلة بالفعل تجسدت على ارض الواقع في (طيبة) المدينة المنورة وكان الغريب في الأمر أن (طيبة) قريبة من UTOPIA اليوتيبيا في الاشتقاق اللغوي وكذا المضمون. فلقد تحقق في طيبة رسول الله أرقى معاني العدل والفضيلة والأخلاق مما يجعلنا نعض علي هذا الارث الفخم بالنواجذ.. وهذا كان منظومة مستمرة في زمن الخلفاء الرااشدين للدرجة التي وصل فيها القبطي يشكو ضربة عصا وكان الرومان يسومنه قبلاً سوء العذاب .. ويقول بن الخطاب للقبطي اضرب ابن الأكرمين أي ابن عمرو بن العاص، فالرعايا غير المسلمين لهم حقوقهم في الدولة الإسلامية والعدل مكفول للجميع ،راجع وضعية موسى بن ميمون الفيلسوف اليهودي مثلاً في الأندلس .
****
..لابد أن يكون هناك فكرة متوهجة كبرى للعمل عليها أو ما يمكن أن نسميه (التخديم) عليها بالعامية بغية الوصول إلى شيء راق ورائع كأن يقوم المفكر بالتخديم على فكرة أو التأصيل والتجذير لفكرة متوهجة كبرى بحثا ومعالجة ذهنية نشعل منها بقية الرؤى، كمثل المعلقات أو ما كان يسمي بالحوليات أي يدقق في القصيدة بحثا لغويا ومعنى وحكمة واعتناء عام كامل حتى تخرج الى النور لينتهي بنا الحال إلى بحث رائع متكامل الأركان والمزايا وهذا يستلزم نقلة ضخمة في التصورات منطلقها الأساس والفكرة المتوهجة الكبرى هو ان :"يهيمن القرآن على العالم" وهو مصطلح يعني ضمناً إعلاء كلمة الله في الأرض ..تحكيم القرآن دستورا وحكما وقيادة ، بتطبيق شريعة الله والاستقاء من كلام الله وسنة الرسول الأكرم والتشرب بالتصورات والمعالجة النزيهة في سياسة الواقع الكوني ناهيك عن الإرث الفكري الضخم للأمة وناهيك أيضا ان التجربة للفكر الإنساني حق مشاع قابل للأخذ والرد ، وما توافق معنا قبلناه وما تناقض رددناه , والحكمة ضالة المسلم . ناهيك أيضا أن الأمة الإسلامية لها شخصيتها الحضارية وهي شخصية أصيلة وليست تقليد أو مكررة عن غيرها ممن سبقوها ، وهو سر تميزها وروعة إبداعها ، وبهذا لابد أن يكون لنا وقفات حول المصطلحات المستوردة مثل الديمقراطية democracy، ان تطبيق الديمقراطية في البيئة الإسلامية أشبه بتدخين أعقاب سجائر الغرب المستهلكة ، نحن في غنى عنه وأشرف وأرقى منه ، ذكرته في كتاب الفكر الإسلامي ومصطلح سيبارسيزم ـ الشخصية الإسلامية في الحكم لها تميزوها الراقي ولنا منظورنا وهويتنا الخاصة ألا وهو حكم الله : (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) (التين : 8 ) وقال الله تعالى (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة : 50 ) وقال الله تعالى على لسان نوح ( وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ) (هود : 45 ) فالتصور الإسلامية له رؤيته التي بلورها عبر قرون ، ولا مجال لوضعها للمقارنة بحكم الله –سما مقامه –
****
قبل محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم كانت وضعية العالم العربي غير مستقرة ويمكن مراجعة أيام العرب من داحس والغبراء إلى حروب متوالية وتمزقات منتشرة راجع أيام العرب في ديوان عمرو بن كلثوم تحقيق أيمن ميدان أو الحماسة لأبي تمام كما قال بن خلدون : العرب ماعز الحضارة يهدمون الحضارة كما تهدم الماعز أي ارض مزروعة ، وهذا لا يمنع ان مجتمع العرب لما له وضيعة ومزايا من ارث الحنيفية وبيت الله الحرام في الجزيرة العربية.. كما أن مكة كانت تسمى بكة لأنها تبك الجبارين وتذهب نخوتهم ، الواقع كان مهيئا لحدث جلل راجع إرهاصات ما قبل بعثة المصطفى رؤية ساق ارهاصاتها التوحيدي في الإمتاع والمؤانسة ، وبمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم كانت النقلة الحضارية الكبرى فبعد 100 عام من وفاة المصطفى الكريم كانت جيوش الزحف الإسلامي تحت أسوار باريس ،راجع الإسلام ما بين الشرق والغرب لبيجوفيتش وتهيكل مشروع حضاري ضخم وبعد ذلك كانت الأندلس تلك البقعة المضيئة كمصدر إشعاع على أوربا وبالرغم من ذلك تآمر عليها همج ورعاع أوربا ضد الغافقي في بلاط الشهداء والفونسو وايزابيلا لحرق المسلمين ومحاكم التفتيش وذبح على الهوية ، لذلك قالوا إن همجية الأسبان تبدت بوضوح بعد خلو أرضهم من الإسلام . بعد ثورة 25 يناير الحالية لابد ان يكون هناك مشروع حضاري او قيامة إسلامية كبرى لتكوين تكتل إسلامي هائل في إمبراطورية إسلامية عظمى،
Islamic Empire Great أو الأمم الإسلامية المتحدة United Islamic Nations أو خلافة إسلامية عظمى مترامية الأطراف ..لقد انتهى بنا المطاف في أنظمة سايكس بيكو إلى الانتكاس المفرط ليس فقط عن تحرير الأرض بل التنازل أو تفتيت المجزأ إلى دول ميكروسكوبية ، ولكل دولة علم ونشيد ، سواء جنوب السودان او العراق لابد ان تنتهي المرحلة القادمة الى تصور إسلامي نحو التكتل الضخم ، فرضيات المستقبل ،اجل ستتبلور لما تنتهي إليه مآلات المرحلة الحالية اى أن تملك الشعوب مصيرها بدلاً من نخب خائنة وعميلة التي قامت بتمزيق وتفتيت الأمة الى دويلات وتقزيم دور الإسلام الحضاري، النهضة القادمة أو القيامة الفكرية الكبرى إلى إمبراطورية عظمى ، او الأمم الإسلامية المتحدة ،لقد قال لورنس براون قبلاً : "اذا اتحد العرب في شبه امبراطورية عربية أصبحوا لعنة على عالم وخطر أما اذا بقيوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تاثير" . فلابد للعمل بغية تكتل لنثبت للغرب انه مخطيء في تجنياته والظلم بوصمنا باللعنة والخطر إلى ارتقاءات نحو الوزن والتأثيرعلى الساحة العالمية بغيتها إضاءة الأماكن المعتمة بالعالم بنور الإسلام ونشر العدل بمعاييره الإسلامية .
****
الشعوب عاجلاً ستمتلك مصيرها إن شاء الله وما أن تملك الشعوب مصيرها فالتحولات القادمة ستكون بالفعل أسهل ما يكون بعون الله . وهناك هذا الجيل من الأفذاذ الذين قاموا بهذا التحول الكبير في تونس ومصر وحاليا في ليبيا واليمن والبقية تأتي ..قال الله تعالى (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء : 92 ) امة واحدة ،ومصير واحد، وهدف واحد ، وإله واحد وقبلة واحدة ، ورسول واحد فعلى ماذا نختلف ؟! بالفعل لابد أن يكون هناك أهداف زمنية , ورؤى مرحلية بغية تحقيق كيان إسلامي ضخم ،في خلافة عظمى ، الهدف المرحلي كما قال الامام علي ميدانكم الاول انفسكم فاذا انتصرتم عليها كنتم على غيرها اقدر. لينتهي الأمر الى مآلات أسلمة وعوربة العالم بدلا من عولمة العالم تبعا لثقافة لحم الخنزير التي تسود أجواء العالم في الوقت الراهن، بالفعل الواقع العربي يحتاج الى تكتل فخم في عالم التكتلات المعاصر بخلافة عظمى ورجل متوضئ يحكم العالم ويدفع الكفر له الجزية ..!!
(عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (الأعراف : 129 )
عبد الرحمن عبد الوهاب
2/27/2011
بالأمس قال نزار :
امشي على ورق الخريطة خائفاً
فعلى الخريطة كلنا أغراب
وخريطة الوطن الكبير فضيحة
فحواجز ومخافر وكلاب.
وعليه تمنينا دوماً في حقبة (العولمة) أن يتحول مشروع النخبة المثقفة إلى (أسلمة ) و(عوربة) العالم فمشروع الإسلاميين هو الأسلمة ومشروع القوميين هو العوربة و عليه فمشروع الخلافة الإسلامية نطاقه اشمل وأوسع يفترض، لانه سينضوي تحت لوائه كافة القوميات والأعراق العربية وغير العربية منطلقها الدين القيم ، فالقومية في الإسلام دين وليس لغة فحسب، لامانع ان يلتقي عليه سوياً كلا الجانبين الإسلاميين والقوميين بغية النهوض به ، ليمتد على الرقعة العربية بداية والإسلامية مرحليا، بحيث ينتهي إلى العالم كله في أقصى مراحله يوما ما ، لأسباب سنأتي عليها في هذا المقال :
أجل بناءً على مرئيات نزار ،تمنينا أن تستشعر تلك الشعوب الأمان وننتشي بالمجد والزهو وكذا استشعار الحيثية والكيان في ظل خلافة إسلامية عظمى مترامية الأطراف ، واقعنا الممتد إلى ماقبل 25 يناير كان مسرحية درامية كل مواطن مسلم فيها بطل مأساوي تبعا لتنظير أرسطو في الدراما الإغريقية القديمة و ما تأثر به شيكسبير لاحقا ، فالتجارب الإنسانية متقاربة درامياً إذا كان الأمر مقترنا بالاستبداد ، بالأمس كان رصاص الكفر يمشط الشوارع وأطفالنا خائفون خلف الأبواب في البوسنة والفليبين وحتى اللحظة في فلسطين، تمنينا كثيرا أن يتحول العالم من (قرية أمريكية) إلى( قرية إسلامية ) منذ أن غابت الخلافة الإسلامية كان واقعنا العام والخاص واقعاً مأساوياً مفرداته كم هائل من الضحايا وملايين من اللاجئين على الحدود والمناطق الفاصلة بين الدول ..
**
إلا أننا وهانحن اليوم نشاهد قيامة فكرية وثورية عظمى تجتاح ارض المجد وميراث الأجداد من يابسة عربية وإسلامية ، ونهضة لها مواصفاتها الخاصة فأيام المجد لها إفرازاتها ومحصلاتها كما هو الحال لواقع التردي سابقا الذي كان له سياقه الخاص من عدم استقلالية القرار السياسي -حتى الديني منه- بناء على تنفيذ الاملاءات بحذافيرها دون تصرف او حتى بما يستصاغ لدى الشعوب ،احتراما لدين الجماهير، او حتى بما يمليه الدين في مواجهة فجه وقليلة الذوق منهم بعدم مراعاة مشاعر الشعوب من أساليب غير محترمة مع الإسلام ، حيث حوصر الإسلام بمحاربة الأذان في مصر و بنزع مكبرات الصوت في صلاة الجمعة بدولة عمان او دخول المساجد ببطاقات ممغنظة في تونس او وضع كاميرات بالمساجد لمراقبة المصليين في مصر ايضاً ,إلا أننا بالفعل اليوم قادمين على أزهى وأروع المراحل التاريخية بعد تساقط الأصنام، ألا بعدا للقوم الظالمين ، ألا بعدا لعاد كما بعدت ثمود.!!
****
قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء : 107 ) وقال الله تعالى ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) (الفرقان : 1 ) فالمصطفى صلى الله عليه وسلم بعث رسولا للبشرية جمعاء ، فمشروع الإسلام الحضاري ليس مشروعا خاص ،بل مشروعاً عالمياً .
***
ثمة قضايا كبرى في العالم وهي ترتكز على المهام الرئيسية التي عالجها الأنبياء على ارض الواقع الكوني ،فالمهمة الكبرى كانت إرساء العدل في الكون، قال الله تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد : 25 ) وقال الله تعالى ايضاً : (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل : 90 )
ذلك لأنه من خلال منظومة العدل يتحول المجتمع إلى مدينة فاضلة ، أروع من تلك التي هجس بها جبران في قصيدة البلاد المحجوبة وكتابه النبي وحديقة النبي أو التي هجس بها أفلاطون في جمهوريته وتوماس مور في utopia اليوتيبيا و جون ملتون في الـ paradise lost ناهيك عن تصور الفارابي في هذا الموضوع تحديدا لم يك لهذه الأفكار الرائعة المجنحة والخيال المثالي المفرط أن تتجسد واقعيا، انه كلام رائع ولذيذ مثل كلام "جي دي موباسان" الغارق في الخيال أو قصائد "وليام بليك" الغارقة في الأوهام ،أو مؤلفات جبران التي كتبت في المسافة الكائنة بين النوم واليقظة جراء الخمر، أو الموت والجنون التي عناها نزار جراء مواجهة الاستبداد في المحكات الفاصلة والضغوط المؤلمة معه ، والخيال له مواصفاته والواقعية لها ادركاتها ،و هناك من قال: أن هناك خط فاصل رقيق بين العبقرية والجنون ادّعوا أنهم قاموا بمحوه . والربط ما بين العبقرية والجنون في عالم التنظير لا تعويل عليه فهو لا يتعدى النحت اللفظي أو الاشتقاق اللغوي كـ (عبقرجنونية) genius-insaniamاو بردها الى عوامل الكحت والنحت لأصولها اللاتينية او اليونانية – لا تفرق كثيرا عند الغرب، اذا ما محونا الخط الفاصل بينهما في أن يحكم العالم رجل كجورج بوش مثلا، واقعياً وعلى المنحى الإسلامي (مصيبة) ولاتقبل شهادته في المحكمة فضلا عن تأهله لشروط الولاية كالقذافي مثلاً (عبقرجنونية ) تتفاوت بما يعتبره العقلاء (اللوثة العقلية) وهذا ينحو بها إلى اللامسئولية يمكن مراجعة أخبار الحمقى والمغلفين بالعقد الفريد بالرغم أن واقعنا به ما يغني .. فثمن العظمة هي (المسئولية) والغرب يربط القرارات غير المتزنة باللامسئوله irresponsible باعتبارها غير كاملة الأهلية ، وكم من قرارات غير مسئولة اقترفت على ساحة العالم وتسببت في جرائم كبرى من قبل أناس غير كاملي الأهلية مثل غزو العراق أو غزو أفغانستان وما المجازر التي تقترف في ليبيا اليوم ليست ببعيد .. وهنا روعة الفقه الإسلامي في تصوره لكامل الأهلية للإنسان العاقل الراشد البالغ إذا ما أنيطيت له مسئولية ما، أدناها الزواج انتهاء إلى توسد الحكم ، فالمسئولية هامة لما لها من كاملية الاهلية والاتزان الذهني ولما يترتب عليها في الشأن العام كما هو الوضع الخاص وكوضع عام لفرضيات المسائلة ومحاكمة التاريخ ، ناهيك عن بعد (التقوى) كمرتكز في التصور الإسلامي والمعالجة ، وهو مرتكز غير متواجدة في التصور الغربي عموما فتصور (التقوى) تختلف في مرتكزاتها عن رؤية ميكافيلي في كتابه الأمير لأبعاد السياسة والحكم،كما قال الله تعالى (إن أكرمكم عند الله اتقاكم " وتكمن المصيبة والبلية العظمى من زاوية أخرى ان تلقى مقادة الأمر وتوسيده لمنافق ، أي ممن يبطن الكفر ويظهر الإسلام ،فتنفذ الاملاءات والسياسات الكافرة ضد الإسلام بلا تورع أو خوفاً من مساءلة أو حتى محاكمة الجماهير آنياً او التاريخ مستقبلياً، وهي املاءات مازالت تنفذ في فرض اشخاص على الشعوب وهي مفعّلة ولم تنته إلى الآن أي حتى بعد 25 يناير، روعة الفقه الاسلامي انه ربط الولاية بمسلم العقيدة في المجتمع المسلم وأنه لا ولاية لكافر على مسلم ، أوضاع الجريمة الكبرى ان الحكم العلماني سواء ديمقراطي او غير ديمقراطي انه يستبعد الدين بل كل أمور الفقه في الحكم والسياسة ، و تلك الجريمة الكبرى التي يراد لها ان ترتكب في حق الإسلام والمسلمين ومشروع الإسلام الحضاري حاليا هي حذف المادة الثانية من الدستور وهو أمر سنقف ضده بكل ما اوتينا انه امر دونه الرقاب . وثمة تساؤل ماذا أبقيتم لنا ؟!، لم يحّكم شرع الله .. حتى هذا السطر المتعلق بهويتنا من الدستور، يريدون حذفه ..اجل يا ساده انه أمر دونه الرقاب ..أو كما قال الإمام ، "وتلك التي تريد فإنها خدعة الطفل عن الحليب في أول الفطام"
****
مع لابد من التنويه ، انه لو كانت شرع الله مطبقاً أو طبقت حدود الله بأن تقطع يد السارق مثلا ً لما ظهر لدينا هؤلاء اللصوص من الحكام أو النخبة السياسية في اروقة السياسة التي استولت على مال الله في وقت كانت وما زالت الشعوب تتضور جوعا بل ان صفاقة النظام في تونس مثلا صادر حق البو عزيزي وهو فرد من الشعب من العيش الكريم او حتى الحصول على الكفاف من خلال عربة يد –يبيع عليها- ليصادرها النظام ،بينما افصحت التقارير مؤخرا عن غرفة للديكتاتور بها مليارات نقلتها التلفزة، انه ليس ديكتاتور فحسب ان الامر يفتقر الى ابسط مقومات الاخلاق ..حينما يصادر حق الشعب في الحصول حتى على ما يسد به الرمق فاننتهي البوعزيزي لحرق نفسه. مأساة أغريقية في واقع تونسي. و لو كان القصاص أيضاً مطبقا لما قام الإجرام السياسي بذبح المعارضين في السجون العربية.. واعتقد انه ما دام شرع الله لم يطبق سيظل الفعل المضارع للاستبداد يمارس أوضاعه الإجرامية ،لذا فإن شرع الله ضمانة ضد المجرمين (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة : 50 )
.*****
مجد الإسلام ومحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم انه أرسى منهجية السماء على الواقع الكوني بكل أمانة وتقوى وإخلاص،فكان الذروة والرمز للاقتداء . فلقد حكم التاريخ للمصطفى الكريم بأنه اجتاز جسر المجد والشهادات متواترة حتى من خصومه كافة انتهاء الى مايكل هارت الامريكي ،ولخلفاء المصطفى بالعدالة و للإمام علي بالإنصاف على الرغم مما قيل انه فشل في عالم السياسية وما اكتنف مرحلة ولايته من اضطرابات . إنصافا لماحملته التقوى من معالجات في مضمار السياسة والحياة الخاصة والعامة رضي الله عنهم أجمعين .
***
يالها من صدمة عندما تصطدم القصور والخيال والأحلام بأرض الواقع .. ويالها من مفارقة حينما لا تتوافق النظرية المجردة أو المبدأ مع أوضاع التفعيل والتطبيق لفقد كفر العالم بنظريات كثيرة لم يسعها التطبيق وما زالت تتهاوى أصنام البشر والحجر على الواقع الكوني وتزداد "لا اله إلا الله محمد رسول الله" عزاً ومجداً وتشريفا ورقعة الإسلام تتسع والإقبال على الله يتزايد. النظريات الإسلامية وقانون السماء من شريعة الله طبقت بمثاليتها على ارض الواقع وأفرزت واقعا مثاليا وواقعاً حضارياً مسئولاً وهذا يختلف عن الصدمة والمأزق التي طالما وقع فيها الفكر الغربي حال حرقه يوما لجاليليو أو شريعة الغاب التي تلظى بمرارتها الكون في حروب عالمية أو إجرامية لم تفرز بعدا حضاريا يرتقي بالإنسان ككيان وكمصير في حتمية لقاء الله غدا، أو حتى في الإجابة على الأسئلة المصيرية الهدف والغاية والمصير وهي أسئلة ما زال يتخبط الإلحاد الأوربي فيها راجع مقالنا" الحيادية ووجوبية الانحياز وإلحاد خوسيه سراماغو"تسنى للحضارة الإسلامية دوما الاجابة على أسئلة الإنسان المصيرية أو أجاب عنها القرآن أو فصل فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم بوحي السماء ، من هنا فالإسلام وحده له كلمة الفصل في كل ما هو آت .
واقعنا بالأمس ونحن قادمين على مرحلة جديدة كما قال احد المفكرين أن قول الحق يستلزم شيئا من قلة الذوق، واقعنا بالفعل : لقد بالت علينا الكلاب، راجع يوميات الحرب في العراق في أبو غريب ، أو غوانتنامو لمن خرجوا منها، حتى وصل الأمر إلى خطف الإسلاميين في الشوارع من أوربا أو السجون السرية والتعذيب ، تلك المأساة التي عانينا فيها منذ أن حكم الكفر العالم .أو منذ حلت بنا فلسفة قراصنة البيت الأبيض و شريعة الغاب ، فالقرصنة لها مفهومها الخاص ولها ارثها في الذهنية الغربية ، وما زال باقيا في الجينات الوراثية واستحواذا على رقعة ليست بسيطة في الجمجمة الغربية أغربها في السلوك الحياتي الدارج له كمثل سلوك فريق نكسس في المصارعة الحرة أن يتكتل أربعة أو خمسة أفراد ليوسعوه ضربا ، انه الغرب يفتقد إلى شرف المنازلة وهو لا يختلف سياسياً عنه رياضياً عما رأيناه في البوسنة او العراق او فلسطين حيث اعتبر نتانياهو غزة كميدان رماية فالجاهلية واحدة المغرس، فلم يكن الواقع في غزو العراق مثلا إلا عملية سطو مسلح . أو أزمة البوسنة إلا جريمة كبرى اقترفت تحت عين العالم وبصره ، لا يسعنا إلا أن نقول ومن خلال تجربتنا المأساوية أن الغرب أفرط في إجرامه معنا ، ولن نعامله عندما يحكم الإسلام العالم بالمثل ، ولقد أفرطت الأنظمة السايكس بيكوية في سرقة و إرهاب شعوبها كتبت فيها يوما زنزانة وبرش لكل مواطن .. لا يسعنا إلا أن نقول إننا في نهاية المطاف فوجئنا أن تلك المدينة الفاضلة بالفعل تجسدت على ارض الواقع في (طيبة) المدينة المنورة وكان الغريب في الأمر أن (طيبة) قريبة من UTOPIA اليوتيبيا في الاشتقاق اللغوي وكذا المضمون. فلقد تحقق في طيبة رسول الله أرقى معاني العدل والفضيلة والأخلاق مما يجعلنا نعض علي هذا الارث الفخم بالنواجذ.. وهذا كان منظومة مستمرة في زمن الخلفاء الرااشدين للدرجة التي وصل فيها القبطي يشكو ضربة عصا وكان الرومان يسومنه قبلاً سوء العذاب .. ويقول بن الخطاب للقبطي اضرب ابن الأكرمين أي ابن عمرو بن العاص، فالرعايا غير المسلمين لهم حقوقهم في الدولة الإسلامية والعدل مكفول للجميع ،راجع وضعية موسى بن ميمون الفيلسوف اليهودي مثلاً في الأندلس .
****
..لابد أن يكون هناك فكرة متوهجة كبرى للعمل عليها أو ما يمكن أن نسميه (التخديم) عليها بالعامية بغية الوصول إلى شيء راق ورائع كأن يقوم المفكر بالتخديم على فكرة أو التأصيل والتجذير لفكرة متوهجة كبرى بحثا ومعالجة ذهنية نشعل منها بقية الرؤى، كمثل المعلقات أو ما كان يسمي بالحوليات أي يدقق في القصيدة بحثا لغويا ومعنى وحكمة واعتناء عام كامل حتى تخرج الى النور لينتهي بنا الحال إلى بحث رائع متكامل الأركان والمزايا وهذا يستلزم نقلة ضخمة في التصورات منطلقها الأساس والفكرة المتوهجة الكبرى هو ان :"يهيمن القرآن على العالم" وهو مصطلح يعني ضمناً إعلاء كلمة الله في الأرض ..تحكيم القرآن دستورا وحكما وقيادة ، بتطبيق شريعة الله والاستقاء من كلام الله وسنة الرسول الأكرم والتشرب بالتصورات والمعالجة النزيهة في سياسة الواقع الكوني ناهيك عن الإرث الفكري الضخم للأمة وناهيك أيضا ان التجربة للفكر الإنساني حق مشاع قابل للأخذ والرد ، وما توافق معنا قبلناه وما تناقض رددناه , والحكمة ضالة المسلم . ناهيك أيضا أن الأمة الإسلامية لها شخصيتها الحضارية وهي شخصية أصيلة وليست تقليد أو مكررة عن غيرها ممن سبقوها ، وهو سر تميزها وروعة إبداعها ، وبهذا لابد أن يكون لنا وقفات حول المصطلحات المستوردة مثل الديمقراطية democracy، ان تطبيق الديمقراطية في البيئة الإسلامية أشبه بتدخين أعقاب سجائر الغرب المستهلكة ، نحن في غنى عنه وأشرف وأرقى منه ، ذكرته في كتاب الفكر الإسلامي ومصطلح سيبارسيزم ـ الشخصية الإسلامية في الحكم لها تميزوها الراقي ولنا منظورنا وهويتنا الخاصة ألا وهو حكم الله : (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) (التين : 8 ) وقال الله تعالى (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة : 50 ) وقال الله تعالى على لسان نوح ( وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ) (هود : 45 ) فالتصور الإسلامية له رؤيته التي بلورها عبر قرون ، ولا مجال لوضعها للمقارنة بحكم الله –سما مقامه –
****
قبل محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم كانت وضعية العالم العربي غير مستقرة ويمكن مراجعة أيام العرب من داحس والغبراء إلى حروب متوالية وتمزقات منتشرة راجع أيام العرب في ديوان عمرو بن كلثوم تحقيق أيمن ميدان أو الحماسة لأبي تمام كما قال بن خلدون : العرب ماعز الحضارة يهدمون الحضارة كما تهدم الماعز أي ارض مزروعة ، وهذا لا يمنع ان مجتمع العرب لما له وضيعة ومزايا من ارث الحنيفية وبيت الله الحرام في الجزيرة العربية.. كما أن مكة كانت تسمى بكة لأنها تبك الجبارين وتذهب نخوتهم ، الواقع كان مهيئا لحدث جلل راجع إرهاصات ما قبل بعثة المصطفى رؤية ساق ارهاصاتها التوحيدي في الإمتاع والمؤانسة ، وبمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم كانت النقلة الحضارية الكبرى فبعد 100 عام من وفاة المصطفى الكريم كانت جيوش الزحف الإسلامي تحت أسوار باريس ،راجع الإسلام ما بين الشرق والغرب لبيجوفيتش وتهيكل مشروع حضاري ضخم وبعد ذلك كانت الأندلس تلك البقعة المضيئة كمصدر إشعاع على أوربا وبالرغم من ذلك تآمر عليها همج ورعاع أوربا ضد الغافقي في بلاط الشهداء والفونسو وايزابيلا لحرق المسلمين ومحاكم التفتيش وذبح على الهوية ، لذلك قالوا إن همجية الأسبان تبدت بوضوح بعد خلو أرضهم من الإسلام . بعد ثورة 25 يناير الحالية لابد ان يكون هناك مشروع حضاري او قيامة إسلامية كبرى لتكوين تكتل إسلامي هائل في إمبراطورية إسلامية عظمى،
Islamic Empire Great أو الأمم الإسلامية المتحدة United Islamic Nations أو خلافة إسلامية عظمى مترامية الأطراف ..لقد انتهى بنا المطاف في أنظمة سايكس بيكو إلى الانتكاس المفرط ليس فقط عن تحرير الأرض بل التنازل أو تفتيت المجزأ إلى دول ميكروسكوبية ، ولكل دولة علم ونشيد ، سواء جنوب السودان او العراق لابد ان تنتهي المرحلة القادمة الى تصور إسلامي نحو التكتل الضخم ، فرضيات المستقبل ،اجل ستتبلور لما تنتهي إليه مآلات المرحلة الحالية اى أن تملك الشعوب مصيرها بدلاً من نخب خائنة وعميلة التي قامت بتمزيق وتفتيت الأمة الى دويلات وتقزيم دور الإسلام الحضاري، النهضة القادمة أو القيامة الفكرية الكبرى إلى إمبراطورية عظمى ، او الأمم الإسلامية المتحدة ،لقد قال لورنس براون قبلاً : "اذا اتحد العرب في شبه امبراطورية عربية أصبحوا لعنة على عالم وخطر أما اذا بقيوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تاثير" . فلابد للعمل بغية تكتل لنثبت للغرب انه مخطيء في تجنياته والظلم بوصمنا باللعنة والخطر إلى ارتقاءات نحو الوزن والتأثيرعلى الساحة العالمية بغيتها إضاءة الأماكن المعتمة بالعالم بنور الإسلام ونشر العدل بمعاييره الإسلامية .
****
الشعوب عاجلاً ستمتلك مصيرها إن شاء الله وما أن تملك الشعوب مصيرها فالتحولات القادمة ستكون بالفعل أسهل ما يكون بعون الله . وهناك هذا الجيل من الأفذاذ الذين قاموا بهذا التحول الكبير في تونس ومصر وحاليا في ليبيا واليمن والبقية تأتي ..قال الله تعالى (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء : 92 ) امة واحدة ،ومصير واحد، وهدف واحد ، وإله واحد وقبلة واحدة ، ورسول واحد فعلى ماذا نختلف ؟! بالفعل لابد أن يكون هناك أهداف زمنية , ورؤى مرحلية بغية تحقيق كيان إسلامي ضخم ،في خلافة عظمى ، الهدف المرحلي كما قال الامام علي ميدانكم الاول انفسكم فاذا انتصرتم عليها كنتم على غيرها اقدر. لينتهي الأمر الى مآلات أسلمة وعوربة العالم بدلا من عولمة العالم تبعا لثقافة لحم الخنزير التي تسود أجواء العالم في الوقت الراهن، بالفعل الواقع العربي يحتاج الى تكتل فخم في عالم التكتلات المعاصر بخلافة عظمى ورجل متوضئ يحكم العالم ويدفع الكفر له الجزية ..!!
(عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (الأعراف : 129 )
غدير- عضو مبتدئ
- عدد الرسائل : 35
العمر : 37
الإقامة : العراق
المهنة : مهنة أخرى
تاريخ التسجيل : 20/08/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى